الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
يقول الفقير في شرح هذا المقام: قوله: ولكنهم حجبوا إلخ وذلك لأن المرآة لا تكون حجابًا للناظر كما أن اللباس كذلك بالنسبة إلى البدن نفسه إذ لا واسطة بينهما فالرداء من المرتدي بمنزلة المرآة من النظر وكذا المرتدي من الرداء بمنزلة الناظر من المرآة إذ المراد بالوجه الذات بطريق إطلاق اسم الجزء على الكل فالمرتدي وهو الذات لا يحتجب عن حجابه وإنما يحتجب به عن الغير كالقناع للعروس فإنه كشف بالإضافة إليها وحجاب بالنسبة إلى غيرها وبرداء الكبرياء إلخ.الحقيقة المحمدية التي هي حقيقة الحقائق ولكل موجود حصة من تلك الحقيقة بقدر قابليته لكنها في نفسها حقيقة واحدة، وهو الوجود العام الشامل، كالحيوان الناطق فإنه معنى واحد عام شامل لجميع الأفراد وكثرته بالنسبة إلى تلك الأفراد لا تنافي وحدته الحقيقية، فمعنى قوله عليه السلام: «وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه» حقيقة كل منهما التي تجلى الذات فيها بحسب صفاء مرآتها ومعرفتها وتلك الحقيقة ليست بحجاب بين القوم وبين الذات الأحدية إذ ما وراء تلك الحقيقة مع قطع النظر عن التجلي فيها وكونها مرآة له إطلاق صرف لا يتعلق به رؤية رداء أيا كان فكل ناظر ينكشف له جمال الذات من حقيقة نفسه فينظر إليه من تلك الحقيقة وهي ليست بحجاب للنظر ولا للذات؛ إذ هي كالمرآة فالنظر الظاهري قيد تام وما وراء تلك الحقيقة من الذات إطلاق صرف فلا مناسبة بينهما بوجه من الوجوه وتلك الحقيقة بين التقييد والإطلاق برزخ جامع لهما، كما قال عليه السلام: «من عرف نفسه فقد عرف ربه» فالعارف إذ لم يتعلق عرفانه بنفسه الكلية وحقيقته الجامعة لا يتأتى منه عرفان ربه لأن ربه مطلق عن القيود والنسب والإضافات وهو بهذا الاعتبار لا تتعلق به المعرفة وأما نفسه المتجلى فيها الرب بحقائق أسمائه فتتعلق بها تلك الرؤية من تلك الحيثية فتكون حقيقة نفسه ومعرفتها مرآة معرفة ربه فلا حجاب بين المرتدي وردائه أصلًا وإنما غلط من غلط بقياس الغائب على الشاهد وهو ممنوع باطل لأنه لا يلزم أن يكون هناك رداء مانع وبرزخ بين الناظر والمرتدي ولذا قال: الكبرياء رداؤه الذي يلبسه عقول العلماء بالله.فالتردد في أن الرداء حجاب بين المرتدي والناظرين فلا يمكن الرؤية إنما هو من عمى البصيرة والعياذ بالله وهو في ثلاثة أشياء إرسال الجوارح في معاصي الله والتصنع بطاعة الله والطمع في خلق الله فالحق ليس بمحجوب عنك لثبوت إحاطته وإنما المحجوب أنت عن النظر إليه بما تراكم على بصيرتك من العيوب العارضة وما يلازم بصرك من العيب اللازم الذي هو الفناء الحسي الذي لا يرتفع إلا في الدار الآخرة فلذلك كانت الرؤية موقوفة عليها وإلا فالحجاب في حقه تعالى ممتنع غير متصور فلا تكن ممن يطلب الله لنفسه ولا يطالب نفسه لربه فذلك حال الجاهلين.وقال بعض المفسرين: إن الإدراك إذا قرن بالبصر كان المراد منه الرؤية فإنه يقال أدركت ببصري ورأيت ببصري بمعنى واحد فمعنى قوله: {لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ} أي: لا تراه في الدنيا فهو مخصوص برؤية المؤمنين له في الآخرة لقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22] وحديث الشيخين: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر» والمراد تشبيه الرؤية بالرؤية في الجلاء والوضوح لا تشبيه المرئي بالمرئي أي في الجهة وإنما يرونه في الآخرة لأنها قلب الدنيا فالبصيرة هناك كالبصر في الدنيا فيكون البصر الظاهر في الدنيا باطنًا في الآخرة والبصيرة الباطنة ظاهرة فيستعد الكل للرؤية بحسب حاله وأما في الدنيا فالرؤية غاية الكرامة فيها وغاية الكرامة فيها لأكرم الخلق، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم صاحب المقام المحمود الذي شاهد ربه ليلة المعراج بعيني رأسه يعني رآه بالسر والروح في صورة الجسم فكان كل وجوده الشريف عينًا لأنه تجاوز في تلك الليلة عن عالم العناصر ثم عن عالم الطبيعة ثم عن عالم الأرواح حتى وصل إلى عالم الأمر وعين الرأس من عالم الأجسام فانسلخ عن الكل ورأى ربه بالكل فافهم هداك الله خير السبل فإن العبارة هاهنا لا تسع غير هذا.قال في التأويلات النجمية: {لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ} أي لا تلحقه المحدثات لا الأبصار الظاهرة ولا الأبصار الباطنة تقدست صمديته عن كل لحوق ودرك ينسب إلى مخلوق ومحدث بل {وَهُوَ يُدْرِكُ الابْصَارَا وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن} من أن يدركه المحدثات أو يلحقه المخلوقات.{الْخَبِيرُ} بمن يستحق أن يتجلى له الحق ويدرك أبصارها باطلاعه عليها فيستعدها للرؤية ومن لطف الله أنه أوجد الموجودات وكون المكونات فضلًا منه وكرمًا من غير أن يكون استحقاقها للوجود انتهى ولو رآه إنسان في الموطن الدنيوي لوجب عليه شكره ولو شكره لاستحق الزيادة ولا مزيد على الرؤية ولذلك حرمها وهذا هو المعنى في قوله عليه السلام: لن تروا ربكم حتى تموتوا.قال ابن عطاء: إتمام النعيم بالنظر إلى وجه الله الكريم على الوجه اللائق بجلاله في الدار الآخرة حسبما جاء الوعد الصدق بذلك كما في الدنيا إذ غالب النصوص يقتضي منع ذلك بل يكاد يقع الإجماع على نفي وقوع ذلك ومنعه شرعًا وإن جاز عقلًا انتهى.وأما الرؤية في المنام: فقد حكيت عن كثير من السلف كأبي حنيفة.وعن أبي يزيد رحمه الله: رأيت ربي في المنام فقلت له كيف الطريق إليك؟ فقال: اترك نفسك ثم تعال.وروي عن حمزة القارئ أنه قرأ على الله القرآن من أوله إلى آخره في المنام حتى إذا بلغ إلى قوله: {وهو القاهر فوق عباده} [الأنعام: 18] قال الله تعالى يا حمزة وأنت القاهر ولا خفاء في أن الرؤية في المنام نوع مشاهدة يكون بالقلب دون العين وفي الحديث: «رأيت ربي في المنام في صورة شاب أمرد» وسر تجليه في صورة الإنسانية بصفة الربوبية أن الحقيقة الإنسانية أجمع الحقائق فإنه تعالى لما استخلف الإنسان وجعله خاتمًا على خزائن الدنيا والآخرة ظهر جيمع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في النشأة الإنسانية الجامعة بين النشأة العنصرية والروحانية وإليه يشير قوله عليه السلام: «إن الله خلق آدم على صورته» وإطلاق الصورة على الحق مجاز باعتبار أهل الظاهر إذ لا تستعمل في الحقيقة إلا في المحسوسات ففي المعقولات مجاز، وأما عند المحققين فحقيقة لأن العالم الكبير بأسره صورة الحضرة الإلهية ومظاهر أسمائها بحضراتها تفصيلًا وإجمالًا والإنسان الكامل صورته جمعًا.فإن قلت: الرؤية أقوى أنواع الإدراك أم العلم.قلت: قد قيل بالأول ولهذا يتلذذ المؤمنون برؤية الله تعالى فوق ما يتلذذون بمعرفته.قال الإمام في الإحياء: إن الرؤية نوع كشف وعلم إلا أنها أوضح وأتم من العلم فإذا جاز تعلق العلم به ليس في جهة جاز تعلق الرؤية من غير جهة وكما جاز أن يعلم من غير كيفية وصورة جاز أن يرى كذلك من غير كيفية وصورة.قال بعضهم: الرؤية أعلى من المعرفة لأن العارفين مشتاقون إلى منازل الوصال والواصلون لا يشتاقون إلى منازل المعرفة.وقال بعضهم: المعرفة ألطف والرؤية أشرف.قال حضرة الشيخ الشهير بأفتاده أفندي قدس سره: وصلة العلماء على قدر علمهم واستدلالهم ووصلة الكمل على قدر مشاهدتهم وعيانهم لكن لا على وجه مشاهدة سائر الأشياء فإنه تعالى منزه عن الكيف والأين بل هي عبارة عن ظهوره وانكشاف الوجود الحقيقي عند اضمحلال وجود الرائي وفنائه انتهى.أقول: فظهر من هذا أن من فنى عن ذاته وصفاته وأفعاله واضمحل عن بشريته وهويته فجائز أن يرى الله تعالى في الدنيا بالبصيرة بعد الانسلاخ التام.وذلك كالشمس في الجلاء لا يكابر فيه أحد أصلًا؛ لأن القلب من عالم المكوت والبصيرة كالبصر له وعالم الملكوت مطلق عن قيود الأمور الوهمية التي هي الزمان والمكان والجهة والكيفية وغيرها؛ لأنها من أحكام عالم الملك فأين هذا من ذاك ولا يقاس أحدهما على الآخر وحقيقة ذوق هذا المطلب الأعلى لا تعرف إلا بالسلوك.ثم اللطيف من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دقّ منها وما لطف ثم يسلك في إيصالها إلى المستصلح سبيل الرفق دون العنف وإذا اجتمع الرفق في الفعل واللطف في الإدراك تم معنى اللطيف ولا يتصور كمال ذلك في العلم والفعل إلاتعالى وحظ العبد من هذا الوصف الرفق بعباد الله تعالى والتلطف بهم في الدعوة إلى الله تعالى والهداية إلى سعادة الآخرة من غير إزراء وعنف ومن غير تعصب وخصام وأحسن وجوه اللطف فيه الجذب إلى قبول الحق بالشمائل والسير المرضية والأعمال الصالحة فإنها أوقع وألطف من الألفاظ المزينة.قال الشيخ الأكبر قدس سره قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ولم يقل صلوا كما قلت لكم لأن الفعل أرجح في نفس التابع المقتدي من القول.والخبير: هو الذي لا تعزب عنه الأخبار الباطنة ولا يجرى في الملك والملكوت شيء ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس، ولا تطمئن إلا ويكون عنده خبرها وهو بمعنى العليم لكن العلم إذا أضيف إلى الخفايا الباطنة سمي خبرة، وسمي صاحبه خبيرًا وحظ العبد من ذلك أن يكون خبيرًا بما يجري في عالمه وعالمه قلبه وبدنه والخفايا التي يتصف القلب بها من الغش والخيانة والطواف حول العاجلة وإضمار الشر وإظهار الخير والتجمل بإظهار الإخلاص والإفلاس عنه لا يعرفها إلا ذو خبرة بالغة قد خبر نفسه ومارسها وعرف مكرها وتلبيسها وخدعها فحادبها وتشمر لمعاداتها وأخذ الحذر منها فذلك من العباد جدير بأن يسمى خبيرًا. اهـ.
.من فوائد السمرقندي في الآيات: قال رحمه الله:{وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء الجن} يعني: وضعوا لله شركاء.وقال مقاتل: وذلك أن بني جهينة قالوا: إن صنفًا من الملائكة يقال لهم الجن بنات الرحمن وذلك قوله: {وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء الجن}.وقال الكلبي: وجعلوا الجن شركاء لله نزلت هذه الآية في الزنادقة، قالوا: إن الله تعالى وإبليس لعنه الله ولعنهم أخوان.قالوا: إن الله تعالى خالق الناس والدواب، وإبليس خالق السباع والحيات والعقارب كقوله: {وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنة إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات: 158] قال الزجاج: معناه أطاعوا الجن فيما سوّلت لهم من شركهم، فجعلوهم شركاء الله وهذا قريب مما قاله الكلبي.ثم قال: {وَخَلَقَهُمْ} يعني: جعلوا لله الذي خلقهم شركاء، ويقال: وخلقهم يعني خلق الجن، ويقال: وخلقهم يعني: الذين تكلموا به {وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ} يعني: وصفوا له بنين وبنات.{بِغَيْرِ عِلْمٍ} يعني: بلا علم يعلمونه، ويقال بلا حجة وبيان.وروى عبد الله بن موسى عن جويرية قال: سمعت رجلًا سأل الحسن عن قوله: {وَخَرَقُواْ لَهُ} قال: كلمة عربية كانت العرب تقولها، كان الرجل إذا كذب كذبة في نادي القوم يقول بعض القوم: خرقها.ثم نزّه نفسه فقال: {سبحانه} يعني: تنزيهًا له.{وتعالى عَمَّا يَصِفُونَ} يعني: هو أعلى وأجل مما يصف الكفار بأن له ولدًا.قرأ نافع {وَخَرَقُواْ} بالتشديد على معنى المبالغة.قوله تعالى: {بَدِيعُ السموات والأرض} يعني: خالق السموات والأرض يعني مبدعهما، وهو أن يبتدئ شيئًا لم يكن يعني ابتدعهما ولم يكونا شيئًا.{أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} قال القتبي: {إِنّى} على وجهين يكون بمعنى كيف كقوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لًانفُسِكُمْ واتقوا الله واعلموا أَنَّكُم ملاقوه وَبَشِّرِ المؤمنين} [البقرة: 223] وكقوله: {أَوْ كالذى مَرَّ على قَرْيَةٍ وَهِىَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا قَالَ أنى يُحْىِ هذه الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فانظر إلى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وانظر إلى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِلنَّاسِ وانظر إِلَى العظام كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 259]، ويكون بمعنى من أين كقوله: {يا أيها الذين ءَامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفروا في سَبِيلِ الله اثاقلتم إِلَى الأرض أَرَضِيتُم بالحياة الدنيا مِنَ الآخرة فَمَا مَتَاعُ الحياة الدنيا في الآخرة إِلاَّ قَلِيلٌ} [التوبة: 38] وكقوله: {أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} {وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صاحبة} يعني: زوجة.{وَخَلَقَ كُلَّ شيء} يعني: الملائكة وعيسى وغيرهم وهم خلقه وعبيده.{وَهُوَ بِكُلّ شيء عَلِيمٌ} مما خلق.ثم قال: {ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ} يعني: الذي فعل هذا فهو ربكم {لاَ إله إِلاَّ هُوَ} يعني: لا خالق غيره.{خالق كُلّ شيء فاعبدوه} يعني: وحّدوه وأطيعوه.{وَهُوَ على كُلّ شيء وَكِيلٌ} يعني: كفيل بأرزاقهم، ويقال وكيل يعني: حفيظ.ثم عظّم نفسه فقال: {لاَّ تُدْرِكُهُ الابصار} قال مقاتل: يعني لا يراه الخلق في الدنيا.وروى الشعبي عن مسروق قال قلت لعائشة هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ فقالت: لقد اقْشَعَرَّ قلبي مما قلت أين أنت من ثلاثة من حدثك بهن فقد كذّب: من حدثك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب ثم قرأت {لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار} ومن حدثك أنه قد علم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت: {إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة وَيُنَزِّلُ الغيث وَيَعْلَمُ مَا في الأرحام وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ الله عَلَيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] ومن حدثك أنه كتم شيئًا من الوحي فقد كذب.ثم قرأت {يَا أَيُّهَا الرسول بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الكافرين} [المائدة: 67].ثم قال: {وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار} يعني: لا يخفى عليه شيء ولا يفوته.قال الزجاج: في هذه الآية دليل أن الخلق لا يدركون الأبصار أي لا يعرفون كيف حقيقة البصر، وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون أن يبصر من غيرهما من سائر أعضائه فاعلم أنهم لا يحيطون بعلمه فكيف به.ثم قال: {وَهُوَ اللطيف الخبير} بخلقه وبأعمالهم وقال أبو العالية لا تدركه الأبصار في الدنيا وتدركه أبصار المؤمنين في الآخرة. اهـ..من فوائد الشوكاني في الآيات: قال رحمه الله:{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)}.
|